القائمة الرئيسية

الصفحات

مقدمة ديوان على هامش الأحزان للشاعر سمير بن الضو



مقدمة ديوان على هامش الأحزان للشاعر سمير بن الضو..


بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله، وبعد،

هذه مقدمة ديواني الأول: على هامش الأحزان، الصادر عن دار بسمة للنشر الإلكتروني.

ذكرتُ في هذه المقدمة شيئًا من قصتي مع الشعر، و رسالتي فيه و غايتي منه، و من يطلع عليها بقليل من التأمل و التحليل، لا بدّ أنه واجد فيها شيئا من حياتي و بعضا من شخصيتي، و هذا ما كنت أريد، لذلك أخي القارئ أرجو من الله تعالى أن تجد في هذه المقدمة ما يرضيك و يسرك، و لا تنساني من الدعاء، و إليك المقدمة..




سمير بن الضو



بادئ ذي بدء (1)



بسم اللّه الواحد الأحد، ربِّ العالمين وهادِيهم إلى الرّشَد، خلقَ الإنسان، و علّمه البيان، و أنار له السبيل، و الصلاةُ و السلام على من لا نبيَّ بعده.

ثمّ أمّا بعد ..

فقد كنتُ أَرُوضُ النفسَ لأشهر مُطوّلات على طيِّ هذه الورقات التي تقرأ الآن، و جعلِها حبيسةَ دُرجٍ في زاوية مظلمة من الزوايا، إذ إنها كانت أوّلَ ما ولجتُ به دنيا الكتابة و أوّل ما ولجتُ به دنيا الشّعر، لأنني أوقن أنّ البدايةَ تكون دائما خاليّةً من الإبداع أو تكادُ، فالإبداع مطلبٌ عزيز، كالـمُهر الجموح لا يتأتّى لصاحبه إلا بعد طول ممارسة و أخذٍ و جذبٍ طويلين، و لا يمكن أن يكون من أوّل حرفٍ يُخطُّ بسوادٍ على بياضِ، هذا.. هذا ثم قد لا يأتي ألبتّة.


لذلك فإن الكاتبَ الجيّدَ و الشّاعر الجيّدَ أبدا لا يرضيانِ على ما يكتبانه، حتى إنك لتجدُ الواحدَ منهما لا يحبُّ إعادة قراءة ما كتبه من قبل، لأن أساليبه أبدًا في نموّ، و لأنه يطمع في كلّ مرّة أن يكتب أحسن مما كتب، و أن يُبدعَ أدبا أفضل مما أبدع، أمّا ذاك الذي يرضى على كل إنتاجاته القديمة، و يرى أنها ما تزال من الجمال على شيء، و لا تحدثه نفسه للحظةٍ بخُفوتِ بريقها فذاك الذي ليس له في حومة الإبداع موضع ظلِّ الرمح، و لهذا و ذاك فقد كنتُ حريصًا كلّ الحرصِ على عدم نشر هذه الأشعار بين الناس، و تركها سجينةً في محبسِها كأنما اقترفتْ جرما، و لكن عدتُ إلى نفسي فراودتها و راودتني فتمّ لها ما أرادت و تمّ إخراج هذه القصائد، و ها أنا الآن أقدمها لك _ أيها القارئ الكريم _ و لو أنّ في نفسي منها أشياء، و أدفعها إليك و فؤادي منها على وجَلٍ و استحياء.


و إنّ فيها أشتاتا مختلفة من الألوان و التّعابير ، وفيها من تراكُمات النّفس الشّيء الكثير ، أكثرها كتبتُه بوجداني ، و بعضها كتَبَتْهُ أحداثُ الحياة بأقلامي و لساني، و أحيانا كان دمعي يسبق حبري و أناملي إلى الورقة، فيخطّ فيها ما يُكنّه صدري و يعتلجُ بين أضالعي، وأحايينَ أخرى كنتُ أفِزُّ فَزًّا(2) من نومي في ظلمةِ الليلِ البهيمِ الأَلْيَلِ لأكتب بعضَ كلماتٍ كنتُ أسمعها أو كانت تتراءى في شيءٍ ظهر لي أثناءَ حلمٍ ما، فلا أشعر بنفسي إلا و هناك هاجسٌ في داخلي يستحثني على القيام لتدوينها..


ثم بعد مدة من ولوجي إلى دنيا الشّعرِ و دنيا الكتابة ، شعرتُ بيني و بين نفسي كأنّ كل ما أكتبه سيكون هَباءً منثورا ما لم يكن أساسه الإصلاح و بنيانه التغيير إلى الأحسن قدر المستطاع، ففزعتُ و خفتُ أن يذهب في مهبّ الريح كل ذلك الوجع، و كل ذلك السهر، و كل هذا الألم و الأرق إذَا أنا لم أفعل شيئا، فوجدتُ بعد تأمّل واستقراء أن أكثر شيء يُخلّد الأدب في الناس و يُبقيه على طول الدهر و ينفع به = أن يكون نابعا من القلب لكي يصل إلى القلب ، و أن يرادَ به وجه الله قبل أي شيء، فإن ابتعد عن هذين ابتعد عنه الخلدُ و الاستمرار، و كان رمادا توشك أن تذروه أقلّ نسمةٍ من الهواء.


هذا مع إيماني التّام أن الأدبَ المتين أقوى من كلّ سلاح، و قادر هو أيضا على استرداد أمجادٍ بأيدينا أَضَعناها، ورحم الله الشيخ الأديب الجليل محمود محمد شاكر إذ قال: {الدّارس يغلبُ الفارس} ( 3 ).


فصرتُ لا أكتب حرفا إلا وزنته بهذين الميزانين، فإن وافقهما اجتهدت ما وسعني الجهد أن أُظهره في أبهى حلّة و أحلى زينة، و أن أرصّعه بجواهرَ من البيان، تزيده حقًّا فوق حق، ليس لي غاية أو مطمعةً في شيء، ﴿ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ [ هود: 88 ].


 و إنَّ أغلب و أكثر ما انضمت عليه جوانِحُ هذه المجموعة الشعرية كُتِبَ ما بين سنتي 2013 و2016، و قد أكون الآن غيرتُ نافذة الأفكار التي كنت أنظر من خلالها في تلك الأوقات، و حريّ بالزمن أن يغيّر كل شيء، و لعلّ الله حينما جعل الزمان جعل معه التغيير صفةً لازمة له لا تزول عنه حتى يزول هو نفسه.


و لقد تركتُ عددا وفيرا من أخواتِ هذه القصائد في مُسَوَّدات لا أحبّ لها أن ترى النّور أبدا، و يكفيني منها هذه التي بين يديك، فإن أنا أحسنتُ فذلك ما أرجوه و أبتغيه، و إن كانت الأخرى فعفوك يا صاحبي، فالعفو _ كما قيلَ _ من شيَمِ الكرام.




هذا و الله الموفِّقُ للصواب، و إليه المرجع والمآب، و منه رجاء المغفرة والثواب. و السلام.



هوامش المقدمة


(1) مقدمة الطبعة الرقمية الأولى.

(2) أَفَزَّ مِن فَزَّ يَفِزُّ فَزًّا، أي الوَثْبة و القيام مع العَجَلة.

(3) يروى أن هذه الكلمة وُجدت منقوشة على كرسيّ الشيخ في بيته رحمة الله عليه.


ضحوة الجمعة أوّل رجب

عام 1440 للهجرة

الموافق 08 مارس 2019 ببيتنا بتملالت


سمير بن الضو
المملكة المغربية
 
 
هذه القصيدة مأخوذة من ديوان يحمل نفس الاسم -على هامش الأحزان- و هو منشور في موقع دار بسمة للنشر الإلكتروني، لتحميله اضغط هنا

اقرأ القصيدة التي تحمل نفس اسم الديوان من هنا.

و في الأخير عزيزي القارئ أرجو أن لا تبخل عليّ بملاحظاتك لهذه القصيدة، أو للديوان كاملا.
و سأكون سعيدا بتواصلك معي..
تحياتي..



تعليقات